يسلط ديفيد باريت، الرئيس التنفيذي لمجموعة EBC المالية (المملكة المتحدة) المحدودة، الضوء على دور تسعير الكربون في دفع الابتكار والنمو المستدام في الاقتصاد الأخضر المتطور.
في ظل الحاجة الملحة المتزايدة إلى ممارسات مستدامة والتحول الاقتصادي، يلقي ديفيد باريت، الرئيس التنفيذي لمجموعة إي بي سي المالية (المملكة المتحدة) المحدودة، الضوء على الآثار العميقة لتسعير الكربون. وبينما تكافح الصناعات مع التحديين المزدوجين المتمثلين في خفض الانبعاثات والحفاظ على النمو، تنير رؤى ديفيد الطريق إلى الأمام، وتنسج معًا خيوط الإبداع والسياسة والمرونة الاقتصادية في مواجهة اقتصاد أخضر متطور.
فهم تسعير الكربون: تطور عالمي
إن تسعير الكربون، الذي يُساء فهمه في كثير من الأحيان باعتباره مجرد ضريبة، يمثل نهجاً مدفوعاً بالسوق يعين قيمة نقدية لانبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي. ويوضح ديفيد أن جذوره تعود إلى سبعينيات القرن العشرين عندما اكتسب تعويض الانبعاثات أهمية كبيرة في الولايات المتحدة في أعقاب التعديلات التي أدخلت على قانون الهواء النظيف. وقد شجعت هذه التدابير الأولية الصناعات على الحد من الانبعاثات من خلال السماح لها بتداول التصاريح ضمن إطار منظم.
بحلول تسعينيات القرن العشرين، اكتسبت أسواق ائتمان الكربون الدولية زخمًا بموجب بروتوكول كيوتو، على الرغم من إعاقة التقدم بسبب عدم مشاركة الاقتصادات الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين. ولم يتم تحقيق التوافق العالمي بشأن تسعير الكربون إلا في اتفاقية باريس في عام 2015، مما مكن من النمو السريع لأسواق الكربون. ويضيف ديفيد: "يمثل ائتمان الكربون إزالة ما يقرب من طن واحد من ثاني أكسيد الكربون أو غيره من غازات الدفيئة من الغلاف الجوي. يمكن للشركات التي تنتج غازات الدفيئة شراء هذه الائتمانات لتعويض انبعاثاتها، وموازنة بصمتها الكربونية بشكل فعال". تعمل ائتمانات الكربون كحجر الزاوية لهذه الأسواق، حيث تمثل إزالة طن واحد من غازات الدفيئة من الغلاف الجوي. تستخدم الشركات هذه الائتمانات لتعويض الانبعاثات من خلال دعم مشاريع الحد من الكربون، وتعزيز التحول العالمي إلى الاستدامة.
التأثيرات الاقتصادية المتتالية: التكاليف، أو إزالة الصناعة، أو النمو المستدام؟
إن التداعيات الاقتصادية المترتبة على تسعير الكربون متعددة ومتباينة. وفي حين يثير بعض المنتقدين مخاوف بشأن ارتفاع تكاليف الإنتاج مما قد يؤدي إلى تفاقم نزعة التصنيع في الاقتصادات المتقدمة، يؤكد ديفيد أن تسعير الكربون مصمم لدفع التنمية المستدامة وليس ردع النمو.
وفي معرض حديثه عن النهج الذي تنتهجه تايوان، يقول ديفيد: "إن بورصة حلول الكربون التايوانية (TCX) مصممة لشراء أرصدة الكربون الدولية وبيعها للشركات المحلية التي تتولى تنفيذ مشاريع جديدة عالية الانبعاثات. ويعزز هذا النموذج الصناعة الخضراء مع الحد من الأعباء المالية المباشرة، وتشجيع التنمية المستدامة".
التكنولوجيا الخضراء: محفز للنمو
إن تسعير الكربون يحمل إمكانات كبيرة لتحفيز الابتكار، وخاصة في الاقتصادات التي تعتمد على الصناعات ذات الانبعاثات العالية. وقال ديفيد: "نظرًا لأن اقتصاد تايوان يعتمد بشكل كبير على أشباه الموصلات والإلكترونيات، فإن الدفع نحو التقنيات الخضراء يمكن أن يؤدي إلى الابتكار المحلي، ودفع نمو الصناعة، وخلق فرص العمل. تشير النظرية الاقتصادية إلى أن التغييرات التنظيمية تولد الابتكار، مما يؤدي بدوره إلى دفع النمو".
ورغم استمرار الشكوك حول التأثير المباشر لتسعير الكربون على الابتكار، يعتقد ديفيد أن المفهوم واضح: فالحاجة إلى الامتثال للقواعد التنظيمية من شأنها أن تحفز الإبداع والتقدم التكنولوجي. وبمرور الوقت، من الممكن أن تعمل هذه الابتكارات على تحويل الصناعات، وتعزيز قدرتها التنافسية مع ضمان الاستدامة.
الاستثمارات في مجال الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية والتكنولوجيا الخضراء: تفاؤل حذر
يقدم ديفيد منظورًا مدروسًا للعلاقة بين تسعير الكربون والاستثمارات في التكنولوجيا الخضراء. وقال ديفيد: "يجب على الناس أن يتبنوا وجهة نظر أطول أجلاً فيما يتعلق بالتكاليف والفوائد. هذه ليست رصاصة فضية للنمو الفوري أو الأرباح؛ إنها جزء من دورة تتكشف بمرور الوقت. تعمل سوق ESG كقصة تحذيرية، تُظهر كيف يمكن للأسواق المالية أن تحرف فكرة جيدة إلى صناعة تولد رسومًا تفيدها أكثر من السوق نفسها". كما ينصح المستثمرين بالتعامل مع فرص التكنولوجيا الخضراء بتوقعات واقعية، والتركيز على النمو المستدام والتأثير الهادف بدلاً من المكاسب قصيرة الأجل.
حماية الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم في اقتصاد الكربون
ومن بين المخاوف المحيطة بتسعير الكربون التأثير المحتمل الذي قد يخلفه على الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، والتي تفتقر في كثير من الأحيان إلى الموارد اللازمة لتبني التقنيات الخضراء. ويؤكد ديفيد أن أغلب مخططات تسعير الكربون مصممة لحماية الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم من الأعباء غير المبررة.
وأضاف ديفيد "إن السبب وراء استهداف إطار عمل تايوان في البداية للمشاريع التي تنبعث منها أكثر من 25 ألف طن سنويًا هو ضمان تركيز المخطط على المشاريع الأكبر حجمًا. حيث يتم حماية الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم من الأعباء الفورية، مما يتيح لها الوقت والمساحة للتكيف مع الممارسات الأكثر خضرة". ويضمن هذا النهج أن يتحمل المسؤوليات المالية أولئك الأكثر تأهيلًا للتعامل معها، مما يتيح للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم الوقت والمساحة للتكيف مع اقتصاد أكثر خضرة.
الإبحار في الطريق إلى الأمام: الحقائق السياسية والاقتصادية
ورغم حتمية تسعير الكربون، فإن الاستعداد العالمي للاقتصاد الأخضر لا يزال غير متكافئ. ويشير ديفيد إلى أن "الانتخابات الأخيرة في أوروبا والولايات المتحدة تعكس حذر الناخبين تجاه السياسات الخضراء الطموحة. ويؤيد أغلب الناس التغيير البيئي من حيث المبدأ، ولكن التكاليف الاقتصادية وإمكانية تحقيق هذه الأهداف تجعل من الصعب إقناع الناس بها".
وباستخدام صناعة السيارات الأوروبية كمثال، يوضح ديفيد التحديات المتمثلة في تحقيق التوازن بين الأهداف البيئية والحقائق الاقتصادية. فقد فرضت أهداف الانبعاثات الأكثر صرامة والسياسات الخضراء ضغوطًا كبيرة على الشركات المصنعة وسلاسل التوريد الخاصة بها، مما أدى إلى تسريح العمال وإبطاء النمو الاقتصادي. وتسلط هذه التحديات الضوء على أهمية السياسات العملية التي توفق بين الطموحات البيئية والمرونة الاقتصادية، مما يضمن انتقالًا متوازنًا ومستدامًا لجميع أصحاب المصلحة.
لمشاهدة الفيديو يرجى زيارة الرابط التالي https://youtu.be/ZuL_4kfTmgY?si=I4b-qwAit61DWOc5&t=160 .